responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاَئمّة الاثنا عشر نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 58

الدافع الواقعي للهجرة إلى العراق:

رغم انّ الدافع الظاهري لهجرته _ عليه السلام _ إلى العراق كانت رسائل أهل الكوفة ورسلهم حتّى أنّ الاِمام احتجّ بها عندما واجه الحرّ بن يزيد الرياحي وعمر بن سعد عندما سألاه عن سرّ مجيئه إلى العراق فقال: «كتب إليَّ أهل مصركم هذا أن أقدم»[1]. إلاّ أنّ السرّ الحقيقي لهجرته _ عليه السلام _ رغم إدراكه الواضح لما سيترتّب عليها من نتائج خطرة ستودي بحياته الشريفة ـ وهو ما وطّن نفسه _ عليه السلام _ عليه ـ يمكن إدراكه من خلال الاستقراء الشامل لمسيرة حياته، وكيفية تعامله مع مجريات الاَحداث.

إنّ الاَمر الذي لا مناص من الذهاب إليه هو إدراك الاِمام _ عليه السلام _ ما ينتجه الاِذعان والتسليم لتولّـي يزيد بن معاوية خلافة المسلمين رغم ما عُرف عنه من تهتّك ومجون وانحراف واضح عن أبسط المعايير الاِسلامية، وفي هذا مؤشّـر خطر على عظم الانحراف الذي أصاب مفهوم الخلافة الاِسلامية، وابتعادها الرهيب عن مضمونها الشرعي.

ومن هنا فكان لابدّ من وقفة شجاعة تعيد للاَُمّة جانباً من رشدها المضاع وتفكيرها المسلوب. إنّ الاِمام الحسين _ عليه السلام _ قد أعلنها صراحة بقوله لمّا طالبه مروان بن الحكم بالبيعة ليزيد، حيث قال: «فعلى الاِسلام السلام إذا بليت الاَُمّة براع مثل يزيد» كما عرفت سابقاً.

نعم إنّ رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال: «صنفان من أُمّتي إذا صلحا صلحت أُمّتي، وإذا فسدا فسدت أُمّتي، قيل: يا رسول الله ومن هما؟ فقال: الفقهاء والاَُمراء»[2]، فإذا كان صلاح الاَُمّة وفسادها رهن صلاح الخلافة وفسادها، فقيادة مثل يزيد لا تزيد الاَمر إلاّ عيثاً وفساداً.

إنّ القيادة الاِسلامية بين التنصيص والشورى، ولم يملك يزيد السلطة لا بتنصيص من الله سبحانه ولا بشورى من الاَُمّة، وهذا ما أدركه المسلمون آنذاك حيث كتبوا إلى الحسين _ عليه السلام _ رسالة جاء فيها: أمّا بعد فالحمد لله الذي قصم عدوّك الجبّار العنيد الذي انتزى على هذه الاَُمّة فابتزّها أمرها وغصبها فيئها وتأمّر عليها بغير رضى منها، ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها[3].

ولم يكن الولد (يزيد) فريداً في غصب حقّ الاَُمّة، بل سبقه والده معاوية إلى ذلك كما هو معروف، وليس بخاف على أحد، وإلى تلك الحقيقة المرّة يشير الاِمام عليّ _ عليه السلام _ في كتاب له إلى معاوية، حيث يقول:

«فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الاَُمور، فقد سلكت مدارج أسلافك بادّعائك الاَباطيل واقتحامك غرور المين والاَكاذيب، وبانتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد اختزن دونك فراراً من الحقّ وجحوداً لما هو ألزم لك من لحمك ودمك ممّا قد وعاه سمعك، وملىَ به صدرك، فماذا بعد الحق إلاّ الضلال المبين»[4].

هذا ونظائره المذكورة في التاريخ ما دفع الحسين إلى الثورة، وتقديم نفسه


[1] الارشاد: 224 ـ 228.
[2] القمّي، سفينة البحار 2: 30 مادة أمر.
[3] ابن الاَثير، الكامل 2: 266 ـ 267، الارشاد: 203.
[4] نهج البلاغة | الكتاب 65.
نام کتاب : الاَئمّة الاثنا عشر نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست