يركّز في بعض الروايات على الضرار، ويقول في قصة الرأس والجلد:«إنّ هذا هو الضرار»، ولايقول:«هو الضرر»، وقد وصف القرآن الكريم عمل المنافقين بالضرار، وهذا يفيد أنّ الضرار يشتمل على ما لايشتمل عليه الضرر.
وأمّا المعنى الخامس، فهو الحقّ الذي لاريب فيه. وإن شئت فعبّر عن الضرار فيه: بالاضرار الصادر عن الشخص عناداً ولجاجة. ويؤيّده: قوله سبحانه: («وَإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلْغْنَ أجَلَهُنَّ فَأمْسِكُوهُنّ بِمَعْروف أوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْروف وَلاتُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا»)[ 1 ]، فإنّ لفظة («لتعتدوا») تفسير «للضرار»[ 2 ].
ويزيده توضيحاً، رواية هارون بن حمزة الغنوي حيث طلب صاحب الدرهمين نحر البعير وأخذ الرأس والجلد، فوصفه الإمام- عليه السلام-
بأنّه ضرار، لأنّ برء البعير صار سبباً لارتفاع قيمته السوقية، فيجب أن يستفاد منه في الركوب لا في الأكل.[ 4 ]
وروى في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى:(«مِنْ بَعْدِ وَصِيَّة يُوصى بِها أَوْ دَيْن غَيْـرَ مُضارّ»)[ 5 ]، قال: إنّ الضرار في الوصية من الكبائر، والمراد هو الإيصاء بأكثر المال أو جميعه حتّى لايرث الوارث مطلقاً أو شيئاً قليلاً.[ 6 ] والرواية التي
[1]البقرة:231. [2]قال الطبرسي في مجمع البيان :1/332، ط صيدا: أي لاتراجعوهنّ لا لرغبة فيهنّ بل لطلب الاضرار بهنّ إمّا في تطويل العدّة أو بتضييق النفقة في العدّة. [3]التوبة:107. [4]لاحظ الحديث رقم 22 مما سردناه من الروايات الدالّة على القاعدة. [5]النساء:12. [6]لاحظ الحديث رقم 23.