الناهية عن الضرار، ولم يكن الفعل هناك إلاّ من جانب واحد، قال سبحانه:(«والَّذِينَ اتَّخذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْريقاً بَيْنَ المُؤمِنينَ وَ ارصاداً لمنْ حاربَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ»)[ 1 ] ، فكان الاضرار من جانب المنافقين فحسب، كما لم يكن هنا اضرار من باب الجزاء أصلاً. وقال سبحانه: («ولاتمسكوهنَّ ضراراً»)[ 2 ]، والمقصود رجوع الزوج إلى المعتدة بقصد الاضرار. وقال سبحانه: («ولاتُضارُّوهنَّ لتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ»)[ 3 ]، أي لاتضيّقوا عليهنّ بالنفقة.
وقال عزّ من قائل: («وَلايُضارَّ كاتِبٌ وَلاشَهِيدٌ»)[ 4 ]، ولم يكن هناك إلاّ اضرار من جانب واحد لامن الجانبين، كما أنّ الضرر الواقع لم يكن إلاّ ابتدائياً لامجازاة.
ويؤيّده ما قاله النبيّ - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم-
في مورد سمرة، إذ لم يكن من الأنصاري إلاّ الشكوى لا الاضرار الجزائي ولاغيره.
وما اشتهر من كون باب المفاعلة فعلاً للاثنين، هو أن يكون كل من الفاعلين، فاعلاً ومفعولاً مثل «ضارب زيد عمراً»، غير تام، لما عرفت عدم ثبوت ذلك، وأنّه ربّما يكون الفعل وارداً من جانب واحد دون الآخر.
ثمّ إنّ الظاهر من المحقّق الخوئي قدَّس سرَّه أنّ المقصود من كون باب المفاعلة للطرفين هو أن يصدر الفعل من واحد ويقع على الآخر فقط. ثمّ حاول ردّ ذلك وقال:
«إنّ هيئة المفاعلة وضعت لقيام الفاعل مقام إيجاد المادّة وكون الفاعل بصدد إيجاد الفعل، وأقوى شاهد على ذلك هي الآيات الشريفة القرآنية: