وَقَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللهِ تَعَالى لَكُمْ مَنْزِلَةً تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ، وَتُوصَلُ بِهَا جِيرَانُكُمْ، وَيُعَظِّمُكُمْ مَنْ لاَ فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ، وَلاَ يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ، وَيَهَابُكُمْ مَنْ لاَ يَخَافُ لَكُمْ سَطْوَةً، وَلاَ لَكُمْ عَلَيْهِ إِمْرَةٌ.
وَقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللهِ مَنْقُوضَةً فَلاَ تَغْضَبُونَ! وَأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ! وَكَانَتْ أُمُورُ اللهِ عَلَيْكُمْ تَرِدُ، وَعَنْكُمْ تَصْدُرُ، وَإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ. فَمَـكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ، وَأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ أَزِمَّتَكُمْ، وَأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللهِ فِي أَيْدِيهِمْ، يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ، وَيَسِيرُونَ فِي الشَّهَواتِ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَب، لَجَمَعَكُمُ اللهُ لِشَرِّ يَوْم لَهُمْ !
في بعض أيام صفين
وَقَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ، وَانْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ، تَحُوزُكُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ (الطّغاة)، وَأَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ الْعَرَبِ، وَيَآفِيخُ الشَّرَفِ، وَالاَْنْفُ الْمُقَدَّمُ، وَالسَّنَامُ الاَْعْظَمُ. وَلَقَدْ شَفَى وَ حَاوِحَ صَدْرِي أَنْ رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَة تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ، وَتُزِيلُونَهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ; حَسّاً (حَشّاً) بِالنِّصَالِ، وَشَجْراً (شَجواً) بِالرِّمَاحِ; تَرْكَبُ أُولاَهُمْ أُخْرَاهُمْ كَالاِْبِلِ الْهِيمِ الْمَطْرُودَةِ; تُرْمَى عَنْ حِيَاضِهَا; وَتُذَادُ عَنْ مَوَارِدِهَا!