(وهي من خطبة الّتى تشتمل على ذكر الملاحم)
الْحَمْدُ لِلّهِ الاَْوَّلِ قَبْلَ كُلِّ أَوَّل، وَالاْخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِر، وَبِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لاَ أَوَّلَ لَهُ، وَبِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لاَ آخِرَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الاِْعْلاَنَ، وَالْقَلْبُ اللِّسَانَ. أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقي، وَلاَ يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ عِصْيَانِي، وَلاَ تَتَرَامَوْا بِالاَْبْصَارِ عِنْدَمَا تَسْمَعُونَهُ مِنِّي.
فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذِي أُنَبِّئُكُمْ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ الاُْمِّيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، مَا كَذَبَ الْمُبَلِّغُ، وَلاَجَهِلَ السَّامِعُ. لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى ضِلِّيل قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَفَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ. فَإِذَا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَاشْتَدَّتْ شَكِيمَتُهُ، وَثَقُلَتْ فِي الاَْرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيَابِهَا، وَمَاجَتِ الْحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا، وَبَدَا مِنَ الاَْيَّامِ كُلُوحُهَا، وَمِنَ اللَّيَالِي كُدُوحُهَا. فَإِذَا أَيْنَعَ زَرْعُهُ، وَقَامَ عَلَى يَنْعِهِ (ساقه)، وَهَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ، وَبَرَقَتْ بَوَارِقُهُ، عُقِدَتْ رَايَاتُ الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ، وَأَقْبَلْنَ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، وَالْبَحْرِ الْمُلْتَطِمِ. هذَا، وَكَمْ يَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِف وَيَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِف! وَعَنْ قَلِيل تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ، وَيُحْصَدُ الْقَائِمُ، وَيُحْطَمُ الَْمحْصُودُ!