(بعد انصرافه من صفين)
أَحْمَدُهُ اسْتِتَْماماً لِنِعْمَتِهِ، وَاسْتِسْلاَماً لِعِزَّتِهِ، وَاسْتِعْصَاماً مِنْ مَعْصِيَتِهِ. وَأَسْتَعِينُهُ فَاقَةً إلَى كِفَايَتِهِ; إنِّهُ لاَ يَضِلُّ مَنْ هَدَاهُ، وَلاَ يَئِلُ مَنْ عَادَاهُ، وَلاَ يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاهُ. فَإنَّهُ أَرْجَحُ ما وُزِنَ، وَأَفْضَلُ مَا خُزِنَ. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً مُمْتَحَناً إخْلاَصُهَا، مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا، نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا، وَنَدَّخِرُهَا (نذّخرها) لاَِهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا، فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الاِْيمَانِ، وَفَاتِحَةُ الاِْحْسَانِ، وَمَرْضَاةُ الرَّحْمَانِ، وَمَدْحَرَةُ (مهلكة) الشَّيْطَانِ.
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ، وَ الْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، وَ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السَّاطِعِ، وَالضِّيَاءِ اللاَّمِعِ، وَالأَمْرِ الصَّادِعِ، إزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ، وَاحْتِجَاجاً بِالبَيِّنَاتِ، وَتَحْذِيراً بِالاْيَاتِ، وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلاَتِ.
وَالنَّاسُ فِي فِتَن انْجَذَمَ (انحذم) فِيهَا حَبْلُ الدِّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوَارِي الْيَقِينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ، وَتَشَتَّتَ الاَْمْرُ، وَضَاقَ الَْمخْرَجُ، وَعَمِيَ الْمَصْدَرُ، فَالْهُدَى خَامِلٌ، وَالْعَمَى شَامِلٌ. عُصِيَ الرَّحْمانُ، وَنُصِرَ الشَّيْطَانُ، وَخُذِلَ الاِْيمَانُ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وَتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ (اعلامه)، وَدَرَسَتْ سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ. أَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَهُ، وَوَرَدُوا مَنَاهِلَهُ، بِهِمْ سَارَتْ أَعْلامُهُ، وَقَامَ لِوَاؤُهُ، في فِتَن