عِنْدَهُ، وَأَكْرَمَهُ عَنْ دَارِ الدُّنْيَا، وَرَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ (مقارنه ـ مقار) الْبَلْوَى، فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَرِيماً (صلى الله عليه وآله وسلم).
وَخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الاَْنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا، إذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلا، بِغَيْر طَرِيق وَاضِح، وَلاَ عَلَم قَائِم.
كِتَابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ: مُبَيِّناً حَلاَلَهُ وَحَرَامَهُ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ، وَخَاصَّهُ وَعَامَّهُ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ، وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ (متسابقة)، مُفَسِّراً مُجْمَلَهُ (جمله)، وَمُبَيِّناً غَوَامِضَهُ، بَيْنَ مَأْخُوذ مِيثَاقُ عِلْمِهِ، وَمُوَسَّع عَلَى الْعِبَادِ فِي جَهْلِهِ. وَبَيْنَ مُثْبَت فِي الْكِتَابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُوم فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ، وَوَاجِب فِي السُّنَّةِ أَخْذُهُ، وَمُرَخَّص فِي الْكِتابِ تَرْكُهُ، وَبَيْنَ وَاجِب بِوَقْتِهِ، وَزَائِل فِي مُسْتَقْبَلِهِ. وَمُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ، مِنْ كَبِير أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ، أَوْ صَغِير أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ، وَبَيْنَ مَقْبُول في أَدْنَاهُ، مُوَسَّع فِي أَقْصَاهُ.
وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ، الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلاَْنَامِ، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الاَْنْعَامِ، وَ يَأْلَهُونَ إلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ، وَجَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلاَمَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ، وَاخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إلَيْهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتَهُ، وَوَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ، وَتَشَبَّهُوا بِمَلاَئِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ. يُحْرِزُونَ الاَْرْبَاحَ في مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ، وَيَتَبادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ.
جَعَلَهُ سُبْحانَهُ وَتَعَالى لِلإِسْلاَمِ عَلَماً، وَلِلْعَائِذِينَ حَرَماً، فَرَضَ حَقَّهُ، وَأَوْجَبَ حَجَّهُ، وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ :(وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).[ 1 ]