وَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللهِ جُنَّةً حَصِينَةً، فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وَأَسْلَمَتْنِي، فَحِينَئِذ لاَ يَطِيشُ السَّهْمُ، وَلاَ يَبْرَأُ الْكَلْمُ.
أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا (بالزهد)، وَلاَ يُنْجَى بِشَيْء كَانَ لَهَا. ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً، فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَحُوسِبُوا عَلَيْهِ، وَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ; فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَىْءِ الظِّلِّ، بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّى قَلَصَ، وَزَائِداً حَتَّى نَقَصَ.
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَابْتَاعُوا مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ، وَ تَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ، وَكُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا، وَ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَار فَاسْتَبْدَلُوا; فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى، وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ. وَإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ، وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ، لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ. وَإِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ الْجَدِيدَانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ الاَْوْبَةِ. وَإِنَّ قَادِماً يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ