فَتَدَاكُّوا عَلَيَّ تَدَاكَّ الاِْبِلِ الْهِيمِ يَوْمَ وِرْدِهَا، وَقَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِيهَا، وَخُلِعَتْ مَثَانِيهَا، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِي، أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْض لَدَيَّ. وَقَدْ قَلَّبْتُ هذَا الاَْمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ.
فَمَا وَجَدْتُنِي يَسَعُنِي إِلاَّ قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم); فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ وَمَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الاْخِرَةِ.
(وَقَدْ اسْتَبْطَأَ اَصْحابُهُ إذْنُهُ لَهُمْ فِى الْقُتال بِصِفِّيْن)
أَمَّا قَوْلُكُمْ: أَكُلَّ ذلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ ؟ فَوَ اللهِ مَا أُبَالِي; دَخَلْتُ (أدخلت) إِلَى الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ. وَأَمَّا قَوْلُكُمْ شَكَّاً فِي أَهْلِ الشَّامِ! فَوَ اللهِ مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً إِلاَّ وَأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي، وَتَعْشُوَ إِلَى ضَوْئِي، وَذلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلاَلِهَا (ضلالتها)، وَإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا.