لما غلب أصحاب معاوية أصحابه(عليه السلام) على شريعة الفرات بصفين و منعوهم الماء
قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ، فَأَقَرُّوا عَلَى مَذَلَّة، وَتَأْخِيرِ مَحَلَّة; أَوْ رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاِء. فَالْمَوْتُ فِي حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ، وَالْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ. أَلاَ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ، وَعَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ، حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِيَّةِ.
وَ قَدْ نَقَدَّمَ مُخْتارها بِرِوايَة
أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَآذَنَتْ بِانْقِضَاء، وَتَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا وَأَدْبَرَتْ حَذَّاءَ، فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا (ساكنيها)، وَتَحْدُو بِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا، وَقَدْ أَمَرَّ فِيهَا مَا كَانَ حُلْواً، وَكَدِرَ مِنْهَا مَا كَانَ صَفْواً، فَلَمْ يَبقَ (تبق) مِنْهَا إِلاَّ سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الاِْدَاوَةِ أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ، لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيَانُ لَمْ يَنْقَعْ.
فَأَزْمِعُوا عِبَادَ اللهِ الرَّحِيلَ عَنْ هذِهِ الدَّارِ الْمَقْدُورِ عَلَى أَهْلِهَا الزَّوَالُ; وَلاَ يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الاَْمَلُ، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ فِيهَا الاَْمَدُ.