يُرْتَجُ عَلَيْكُمْ حَوَارِي فَتَعْمَهُونَ، وَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ، فَأَنْتُمْ لاَ تَعْقِلُونَ. مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَة سَجِيسَ اللَّيَالِي، وَمَا أَنْتُمْ بِرُكْن يُمَالُ بِكُمْ، وَلاَ زَوَافِرُ عِزٍّ يُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ. مَا أَنْتُمْ إِلاَّ كَإِبِل ضَلَّ رُعَاتُهَا، فَكُلَّمَا جُمِعَتْ (اجتمعت) مِنْ جَانِب انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ.
لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللهِ سُعْرُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ! تُكَادُونَ وَلاَ تَكِيدُونَ، وَتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ; لاَ يُنَامُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَة سَاهُونَ، غُلِبَ وَاللهِ الْمُتَخَاذِلُونَ! وَايْمُ اللهِ إِنِّي لاََظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ (حمش) الْوَغى، وَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِب انْفِرَاجَ الرَّأْسِ. وَاللهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ، وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَيَفْرِي جِلْدَهُ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ، ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ. أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ; فَأَمَّا أَنَا فَوَاللهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ، وَتَطِيحُ السَّوَاعِدُ وَالاَْقْدَامُ، وَيَفْعَلُ اللهُ بَعْدَ ذلِكَ مَا يَشَاءُ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّاً، وَلَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ: فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيْحَةُ لَكُمْ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ، وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلا تَجْهَلُوا، وَتَأْدِيبُكُمْ كَيَْما تَعْلَمُوا. وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ، والنَّصِيْحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ، وَالاِْجَابَةُ حِيْنَ أَدْعُوكُمْ، وَالطَّاعَةُ حِيْنَ آمُرُكُمْ.