إلى عبد الله بن العباس
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِسَابِق أَجَلَكَ، وَلاَ مَرْزُوق مَا لَيْسَ لَكَ ; وَاعْلَمْ بِأَنَّ الدَّهْرَ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ، وَأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ دُوَل، فَمَا كَانَ مِنْهَا لَكَ أَتَاكَ عَلَى ضَعْفِكَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا عَلَيْكَ لَمْ تَدْفَعْهُ بِقُوَّتِكَ.
إلى معاوية
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي عَلَى التَّرَدُّدِ فِي جَوَابِكَ، وَالاِْسْتَِماعِ إِلَى كِتَابِكَ، لَمُوَهِّنٌ (مُوهن) رَأْيِي، وَمُخَطِّئٌ فِرَاسَتِي. وَإِنَّكَ إِذْ تُحَاوِلُنِي الاُْمُورَ وَتُرَاجِعُنِي السُّطُورَ، كَالْمُسْتَثْقِلِ النَّائِمِ تَكْذِبُهُ أَحَلاَمُهُ، وَالْمُتَحَيِّرِ الْقَائِمِ يَبْهَظُهُ مَقَامُهُ، لاَ يَدْرِي أَلَهُ مَا يَأْتِي أَمْ عَلَيْهِ، وَلَسْتَ بِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ بِكَ شَبِيهٌ. وَأُقْسِمُ بِاللهِ إِنَّهُ لَوْلاَ بَعْضُ الاِْسْتِبْقَاءِ، لَوَصَلَتْ إِلَيْكَ مِنِّي قَوَارِعُ (نوازع)، تَقْرَعُ الْعَظْمَ، وَتَهْلِسُ اللَّحْمَ! وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ثَبَّطَكَ عَنْ أَنْ تُرَاجِعَ أَحْسَنَ أُمُورِكَ، وَتَأْذَنَ لِمَقَالِ نَصِيحَتِكَ، وَالسَّلاَمُ لاَِهْلِهِ.