(إلى العمال الذين يطأ الجيش عملهم)
مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِ الْجَيْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَعُمَّالِ الْبِلاَدِ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ سَيَّرْتُ جُنُوداً هِيَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَقَدْ أَوْصَيْتُهُمْ بِمَا يَجِبُ لِلّهِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَفِّ الاَْذَى، وَصَرْفِ الشَّذَى، وَأَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَإِلَى ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ، إِلاَّ مِنْ جَوْعَةِ الْمُضْطَرِّ، لاَ يَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إِلَى شِبَعِهِ. فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ شَيْئاً ظُلْماً عَنْ ظُلْمِهِمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَ سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَارَّتِهِمْ، وَالتَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيَما اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُمْ. وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْشِ، فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُمْ، وَمَا عَرَاكُمْ مِمَّا يَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَ مَا لاَ تُطِيقُونَ دَفْعَهُ إِلاَّ بِاللهِ وَ بِي، فَأَنَا أُغَيِّرُهُ بِمَعُونَةِ اللهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ.
إلى كميل بن زياد النخعي، وهو عامله على هيت، ينكر عليه تركه دفع من يجتاز به من جيش العدو طالباً الغارة.
أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ تَضْيِيعَ الْمَرْءِ مَا وُلِّيَ، وَتَكَلُّفَهُ مَا كُفِيَ، لَعَجْزٌ حَاضِرٌ، وَرَأْيٌ مُتَبَّرٌ. وَإِنَّ تَعَاطِيَكَ الْغَارَةَ عَلَى أَهْلِ قِرْقِيسِيَا، وَتَعْطِيلَكَ مَسَالِحَكَ الَّتِي وَلَّيْنَاكَ ـ لَيْسَ بِهَا مَنْ يَمْنَعُهَا، وَلاَ يَرُدُّ الْجَيْشَ عَنْهَا ـ لَرَأْيٌ شَعَاعٌ. فَقَدْ صِرْتَ جِسْراً لِمَنْ أَرَادَ الْغَارَةَ مِنْ أَعْدَائِكَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ، غَيْرَ شَدِيدِ الْمَنْكِبِ، وَلاَ مَهِيبِ الْجَانِبِ، وَلاَ سَادٍّ ثُغْرَةً، وَلاَ كَاسِر لِعَدُوٍّ شَوْكَةً، وَلاَ مُغْن عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ، وَلاَ مُجْز عَنْ أَمِيرِهِ.