إلى معاوية أيضاً
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً عَلَيْهَا، وَلَهَجاً بِهَا، وَلَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِيهَا عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْهَا، وَمِنْ وَرَاءِ ذلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ، وَنَقْضُ مَا أَبْرَمَ! وَلَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى حَفِظْتَ مَا بَقِيَ، وَالسَّلاَمُ.
(إلى أمرائه على الجيش)
مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْمَسَالِحِ : أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ حَقّاً عَلَى الْوَالِي أَلاَّ يُغَيِّرَهُ عَلَى رَعِيَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ، وَلاَ طَوْلٌ خُصَّ بِهِ، وَأَنْ يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اللهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ; وَعَطْفاً عَلَى إِخْوَانِهِ.
أَلاَ وَإِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلاَّ أَحْتَجِزَ (احتجن) دُونَكُمْ سِرّاً إِلاَّ فِي حَرْب، وَلاَ أَطْوِيَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلاَّ فِي حُكْم، وَلاَ أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ، وَلاَ أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ، وَأَنْ تَكُونُوا عِنْدِي فِي الْحَقِّ سَوَاءً. فَإِذَا فَعَلْتُ ذلِكَ وَجَبَتْ لِلّهِ عَلَيْكُمُ النِّعْمَةُ، وَلِي عَلَيْكُمُ الطَّاعَةُ; وَأَلاَّ تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَة، وَلاَ تُفَرِّطُوا فِي صَلاَح، وَأَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ، فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِيمُوا لِي عَلَى ذلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ