إلى عبد الله بن العباس، بعد مقتل محمد بن أبي بكر
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْر ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَدِ اسْتُشْهِدَ، فَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً (صالحاً)، وَعَامِلا كَادِحاً، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَرُكْناً دَافِعاً. وَقَدْ كُنْتُ حَثَثْتُ النَّاسَ عَلَى لَحَاقِهِ، وَأَمَرْتُهُمْ بِغِيَاثِهِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ، وَدَعَوْتُهُمْ سِرّاً وَجَهْراً، وَعَوْداً وَبَدْءً، فَمِنْهُمُ الاْتِي كَارِهاً، وَمِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ كَاذِباً، وَمِنْهُمُ الْقَاعِدُ خَاذِلا. أَسْأَلُ اللهَ تَعَالى أَنْ يَجْعَلَ لِي مِنْهُمْ فَرَجاً عَاجِلا; فَوَاللهِ لَوْلاَ طَمَعِي عِنْدَ لِقَائِي عَدُوِّي فِي الشَّهَادَةِ، وَتَوْطِينِي نَفْسِي عَلَى الْمَنِيَّةِ، لاََحْبَبْتُ أَلاَّ أَلْقَى مَعَ هؤُلاَءِ يَوْماً وَاحِداً، وَلاَ أَلْتَقِيَ بِهِمْ أَبَداً.
إلى أخيه عقيل بن أبي طالب، في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء، و هو جواب كتاب كتبه إليه عقيل
فَسَرَّحْتُ إِلَيْهِ جَيْشاً كَثيفاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذلِكَ شَمَّرَ هَارِباً، وَنَكَصَ نَادِماً، فَلَحِقُوهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ طَفَّلَتِ الشَّمْسُ لِلاِْيَابِ، فَاقْتَتَلُوا شَيْئاً كَلاَ وَلاَ، فَمَا كَانَ إِلاَّ كَمَوْقِفِ سَاعَة حَتَّى نَجَا جَرِيضاً بَعْدَمَا أُخِذَ مِنْهُ بِالُْمخَنَّقِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ غَيْرُ الرَّمَقِ، فَلاَْياً بِلاَْي مَا نَجَا. فَدَعْ عَنْكَ قُرَيْشاً وَتَرْكَاضَهُمْ فِي الضَّلاَلِ، وَتَجْوَالَهُمْ فِي الشِّقَاقِ، وَجِمَاحَهُمْ فِى التِّيهِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِي كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَبْلِي فَجَزَتْ قُرَيْشاً عَنِّي الْجَوَازِي! فَقَدْ قَطَعُوا رَحِمِي،