عَلَيْهِنَّ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلاَّ يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ. وَلاَ تُمَلِّكَ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ، وَلَيْسَتْ بِقَهْرَ مَانَة وَلاَ تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا، وَلاَ تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا. وَإِيَّاكَ وَالتَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَة، فَإِنَّ ذلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ إِلَى السَّقَمِ، وَالْبَرِيئَةَ إِلَى الرِّيَبِ. وَاجْعَلْ لِكُلِّ إِنْسَان مِنْ خَدَمِكَ عَمَلا تَأْخُذُهُ بِهِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَلاَّ يَتَوَاكَلُوا فِي خِدْمَتِكَ.
وَأَكْرِمْ عَشِرَتَكَ، فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِي بِهِ تَطِيرُ، وَأَصْلُكَ الَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ، وَيَدُكَ الَّتِي بِهَا تَصُولُ.
اسْتَوْدِعِ اللهَ دِينَكَ وَدُنْيَاكَ، وَاسْأَلْهُ خَيْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِي الْعَاجِلَةِ وَالاْجِلَةِ، وَالدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ، وَالسَّلام.
(إلى معاوية)
وَأَرْدَيْتَ جِيلا مِنَ النَّاسِ كَثِيراً; خَدَعْتَهُمْ بِغَيِّكَ، وَأَلْقَيْتَهُمْ فِي مَوْجِ بَحْرِكَ، تَغْشَاهُمُ الظُّلُمَاتُ، وَتَتَلاَطَمُ بِهِمُ الشُّبُهَاتُ، فَجَازُوا (جاروا) عَنْ وِجْهَتِهِمْ، وَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَتَوَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ، وَعَوَّلُوا عَلَى أَحْسَابِهِمْ، إِلاَّ مَنْ فَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ، فَإِنَّهُمْ فَارَقُوكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِكَ، وَهَرَبُوا إِلَى اللهِ مِنْ مُوَازَرَتِكَ، إِذْ حَمَلْتَهُمْ عَلَى الصَّعْبِ، وَعَدَلْتَ بِهِمْ عَنِ الْقَصْدِ. فَاتَّقِ اللهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي نَفْسِكَ، وَجَاذِبِ الشَّيْطَانَ قَيَادَكَ، فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْكَ، وَالاْخِرَةَ قَرِيبَةٌ مِنْكَ، وَالسَّلاَمُ.