وَحَرُّهَا شَدِيدٌ، وَعَذَابُهَا جَدِيدٌ. دَارٌ لَيْسَ فِيهَا رَحْمَةٌ، وَلاَ تُسْمَعُ فِيهَا دَعْوَةٌ، وَلاَ تُفَرَّجُ فِيهَا كُرْبَةٌ، وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ يَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنْ يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِهِ، فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَكُونُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عَلَى قَدْرِ خَوْفِهِ مِنْ رَبِّهِ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنّاً بِاللهِ أَشَدُّهُمْ خَوْفاً لِلّهِ.
وَ اعْلَمْ ـ يَا مُحَمَّدُ بْنَ أَبِي بَكْر ـ أَنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِي فِي نَفْسِي أَهْلَ مِصْرَ، فَأَنْتَ مَحْقُوقٌ أَنْ تُخَالِفَ عَلَى نَفْسِكَ، وَأَنْ تُنَافِحَ عَنْ دِينِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلاَّ سَاعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَلاَ تُسْخِطِ اللهَ بِرِضَى أَحَد مِنْ خَلْقِهِ، فَإِنَّ فِي اللهِ خَلَفاً مِنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ مِنَ اللهِ خَلَفٌ فِي غَيْرِهِ. صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا الْمُؤَقَّتِ لَهَا، وَلاَ تُعَجِّلْ وَقْتَهَا لِفَرَاغ، وَلاَ تُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا لاِشْتِغَال. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْء مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلاَتِكَ. ومنه : فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءَ، إِمَامُ الْهُدَى وَإِمَامُ الرَّدَى، وَوَلِيُّ النَّبِيِّ، وَعَدُوُّ النَّبِيِّ. وَلَقَدْ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنِّي لاَ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَلاَ مُشْرِكاً; أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَمْنَعُهُ اللهُ بِإِيمَانِهِ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ اللهُ بِشِرْكِهِ. وَلكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مُنَافِقِ الْجَنَانِ، عَالِمِ اللِّسَانِ، يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ، وَيَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ ».
إلى معاوية جواباً، وهو من محاسن الكتب
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ اصْطِفَاءَ اللهِ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله وسلم)لِدِينِهِ، وَتَأْيِيدَهُ إِيَّاهُ بِمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ; فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً; إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاَءِ اللهِ تَعَالى عِنْدَنَا، وَنِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا، فَكُنْتَ فِي ذلِكَ كَنَاقِلِ الَّتمْرِ إِلَى هَجَرَ، أَوْ دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ. وَزَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِي