إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللهِ فِي سَرَائِرِ أَمْرِهِ وَخَفِيَّاتِ عَمَلِهِ، حَيْثُ لاَ شَهِيدَ غَيْرُهُ، وَلاَ وَكِيلَ دُونَهُ. وَأَمَرَهُ أَلاَّ يَعْمَلَ بِشَيْء مِنْ طَاعَةِ اللهِ فِيَما ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَى غَيْرِهِ فِيَما أَسَرَّ، وَمَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ وَعَلاَنِيَتُهُ، وَفِعْلُهُ وَمَقَالَتُهُ، فَقَدْ أَدَّى الاَْمَانَةَ، وَأَخْلَصَ الْعِبَادَةَ. وَأَمَرَهُ أَلاَّ يَجْبَهَهُمْ وَلاَ يَعْضَهَهُمْ، وَلاَ يَرْغَبَ عَنْهُمْ تَفَضُّلا بِالاِْمَارَةِ (الامانة) عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمُ الاِْخْوَانُ فِي الدِّينِ، وَالاَْعْوَانُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ.
وَإِنَّ لَكَ فِي هذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيبَاً مَفْرُوضاً، وَحَقّاً مَعْلُوماً، وَشُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَة، وَضُعَفَاءَ ذَوِي فَاقَة، وَإِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ، فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ خُصُوماً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبُؤْسَى لِمَنْ ـ خَصْمُهُ عِنْدَ اللهِ ـ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالسَّائِلُونَ وَالْمَدْفُوعُونَ، وَالْغَارِمُونَ وَابْنُ السَّبِيلِ!
وَمَنِ اسْتَهَانَ بِالاَْمَانَةِ، وَرَتَعَ فِي الْخِيَانَةِ، وَلَمْ يُنَزِّهَ نَفْسَهُ وَدِينَهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَحَلَّ (أخلّ) بِنَفْسهِ الذُّلَّ وَالْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ فِي الاْخِرَةِ أَذَلُّ وَأَخْزَى. وَإِنَّ أَعْظَمَ الْخِيَانَةِ خِيَانَةُ الاُْمَّةِ (الأمنة)، وَأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الاَْئِمَّةِ، وَالسَّلام.