responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نهج البلاغة نویسنده : الدشتي، محمد    جلد : 1  صفحه : 229

فَكَأَنَّهُمْ فِي ارْتِجَالِ (ارتحال) الصِّفَةِ صَرْعَى سُبَات. جِيرَانٌ لاَ يَتَأَنَّسُونَ، وَأَحِبَّاءُ (أحياء) لاَ يَتَزَاوَرُونَ. بَلِيَتْ بَيْنَهُمْ عُرَا التَّعَارُفِ، وَانْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الاِْخَاءِ، فَكُلُّهُمْ وَحِيدٌ وَهُمْ جَمِيعٌ، وَبِجَانِبِ الْهَجْرِ وَهُمْ أَخِلاَّءُ، لاَ يَتَعَارَفُونَ لِلَيْل صَبَاحاً، وَلاَ لِنَهَار مَسَاءً. أَيُّ الْجَدِيدَيْنِ ظَعَنُوا فِيهِ كَانَ عَلَيْهِمْ سَرْمَداً، شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا، وَرَأَوْا مِنْ آيَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا، فَكِلْتَا الْغَايَتَيْنِ مُدَّتْ لَهُمْ إِلَى مَبَاءَة، فَاتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ (الفوت) وَالرَّجَاءِ. فَلَوْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِهَا لَعَيُّوا بِصِفَةِ مَا شَاهَدُوا وَمَا عَايَنُوا. وَلَئِنْ عَمِيَتْ آثَارَهُمْ، وَانْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ، لَقَدْ رَجَعَتْ فِيهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ، وَسَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ، وَتَكَلَّمُوا مِنْ غَيْرِ جِهَاتِ النُّطْقِ، فَقَالُوا:

3 . احوال الموتى و الاعتبار بها

كَلَحَتِ الْوُجُوهُ النَّوَاضِرُ، وَخَوَتِ الاَْجْسَامُ النَّوَاعِمُ، وَلَبِسْنَا أَهْدَامَ الْبِلَى، وَتَكَاءَدَنَا ضِيقُ الْمَضْجَعِ، وَتَوَارَثْنَا الْوَحْشَةَ، وَتَهَكَّمَتْ عَلَيْنَا الرُّبُوعُ الصُّمُوتُ، فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا، وَتَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا، وَطَالَتْ فِي مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا ; وَلَمْ نَجِدْ مِنْ كَرْب فَرَجاً، وَلاَ مِنْ ضِيق مُتَّسَعاً! فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ بِعَقْلِكَ، أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَكَ، وَقَدِ ارْتَسَخَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِالْهَوَامِّ فَاسْتَكَّتْ، وَاكْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَابِ فَخَسَفَتْ، وَ تَقَطَّعَتِ الاَْلْسِنَةُ فِي أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذِلاَقَتِهَا، وَهَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِي صُدُورِهِمْ بَعْدَ يَقْظَتِهَا، وَعَاثَ فِي كُلِّ جَارِحَة مِنْهُمْ جَدِيدُ بِلًى سَمَّجَهَا، وَسَهَّلَ طُرُقَ الاْفَةِ إِلَيْهَا، مُسْتَسْلِمَات فَلاَ أَيْد تَدْفَعُ، وَلاَ قُلُوبٌ تَجْزَعُ. لَرَأَيْتَ أَشْجَانَ قُلُوب، وَأَقْذَاءَ عُيُون، لَهُمْ فِي كُلِّ فَظَاعَة صِفَةُ حَال لاَ تَنْتَقِلُ، وَغَمْرَةٌ لاَ تَنْجَلِي.

4 . الاعتبار بالماضين

فَكَمْ أَكَلَتِ الاَْرْضُ مِنْ عَزِيزِ جَسَد، وَأَنِيقِ لَوْن، كَانَ فِي الدُّنْيَا غَذِيَّ تَرَف، وَرَبِيبَ شَرَف!

يَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِي سَاعَةِ حُزْنِهِ، وَيَفْزَعُ إِلَى السَّلْوَةِ إِنْ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ، ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَيْشِهِ، وَشَحَاحَةً بِلَهْوِهِ وَلَعِبِهِ! فَبَيْنَا هُوَ يَضْحَكُ إِلَى الدُّنْيَا وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ فِي ظِلِّ عَيْش غَفُول، إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِهِ

نام کتاب : نهج البلاغة نویسنده : الدشتي، محمد    جلد : 1  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست