(كان يدعو به كثيراً)
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يُصْبِحْ بِي مَيِّتاً وَلاَ سَقِيماً، وَلاَ مَضْرُوباً عَلَى عُرُوقِي بِسُوء، وَلاَ مَأْخُوذاً بِأَسْوَإِ عَمَلِي، وَلاَ مَقْطُوعاً دَابِرِي، وَلاَ مُرْتَدّاً عَنْ دِينِي، وَلاَ مُنْكِراً لِرَبِّي، وَلاَ مُسْتَوْحِشاً مِنْ إِيمَانِي، وَلاَ مُلْتَبِساً عَقْلِي، وَلاَ مُعَذَّباً بِعَذَابِ الاُْمَمِ مِنْ قَبْلِي. أَصْبَحْتُ عَبْداً مَمْلُوكاً ظَالِماً لِنَفْسِي. لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ وَلاَ حُجَّةَ لِي، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ إِلاَّ مَا أَعْطَيْتَنِي، وَلاَ أَتَّقِيَ إِلاَّ مَا وَقَيْتَنِي. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَفْتَقِرَ فِي غِنَاكَ، أَوْ أَضِلَّ فِي هُدَاكَ، أَوْ أُضَامَ فِي سُلْطَانِكَ، أَوْ أُضْطَهَدَ وَالاَْمْرُ لَكَ! اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَفْسِي أَوَّلَ كَرِيمَة تَنْتَزِعُهَا مِنْ كَرَائِمِي، وَأَوَّلَ وَدِيعَة تَرْتَجِعُهَا مِنْ وَدَائِعِ نِعَمِكَ عِنْدِي! اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَذْهَبَ عَنْ قَوْلِكَ، أَوْ أَنْ نُفْتَتَنَ عَنْ دِينِكَ، أَوْ تَتَابَعَ بِنَا أَهْوَاؤُنَا دُونَ الْهُدَى الَّذِي جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ!
(خطبها بصفين)
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ سُبْحانَهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ، فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الاَْشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ، لاَ يَجْرِي لاَِحَد إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ. وَلَوْ كَانَ لاَِحَد أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً لِلّهِ سُبْحانَهُ دُونَ خَلْقِهِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ، وَلكِنَّهُ سُبْحانَهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلا مِنْهُ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ.