فَأَسْتَشِيرَكُمَا وَإِخْوَانِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ; وَلَوْ كَانَ ذلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا، وَلاَ عَنْ غَيْرِكُمَا. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الاُْسْوَةِ، فَإِنَّ ذلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَافِيهِ بَرَأْيِي، وَلاَ وَلِيتُهُ هَوًى مِنِّي، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَأَنْتَُما مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَيْكُمَا فِيَما قَدْ فَرَغَ اللهُ مِنْ قَسْمِهِ، وَأَمْضَى فِيهِ حُكْمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمَا، وَاللهِ، عِنْدِي وَلاَ لِغَيْرِكُمَا فِي هذَا عُتْبَى. أَخَذَ اللهُ بِقُلُوبِنَا وَقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَأَلْهَمَنَا وَإِيَّاكُمُ الصَّبْرَ. ثم قال(عليه السلام):
رَحِمَ اللهُ رَجُلا رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ، أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّهُ، وَ كَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ.
(و قد سمع قوماً من أصحابه يسبّون أهل الشام أيّام حربهم بصفّين)
إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ، وَلكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ، وَذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ، وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ، وَقُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ: اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَدِمَاءَهُمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَبَيْنِهِمْ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ.
(في بعض أيّام صفّين و قد رأى الحسن ابنه(عليه السلام) يتسرّع إلى الحرب)
امْلِكُوا عَنِّي هذَا الْغُلاَمَ لاَ يَهُدَّنِي، فَإِنَّنِي أَنْفَسُ بِهذَيْنِ ـ يَعْنِي الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ(عليهما السلام) ـ عَلَى الْمَوْتِ لِئَلاَّ يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم).
(أقول : و قوله(عليه السلام) «املكوا عني هذا الغلام» من أعلى الكلام وأفصحه.)