إِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ وَتَعَالَى لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ. لَطُفَ بِهِ خُبْراً، وَأَحَاطَ بِهِ عِلْماً. أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُهُ، وَجَوَارِحُكُمْ جُنُودُهُ، وَضَمَائِرُكُمْ عُيُونُهُ، وَخَلَوَاتُكُمْ عِيَانُهُ.
وَاللهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي، وَلكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ. وَلَوْلاَ كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ، وَلكِنْ كُلُّ غُدَرَة فُجَرَة، وَكُلُّ فُجَرَة كُفَرَةٌ. «وَلِكُلِّ غَادِر لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَاللهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ، وَلاَ أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ.
أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى مَائِدَة شِبَعُهَا قَصِيرٌ، وَجُوعُهَا طَوِيلٌ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَى وَالسُّخْطُ. وَإِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمَّهُمُ اللهُ بِالْعَذَابِ لَمَّا عَمُّوهُ بِالرِّضَى، فَقَالَ سُبْحانَهُ : (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)،[ 1 ] فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ خَارَتْ أَرْضُهُمْ بِالْخَسْفَةِ خُوَارَ السِّكَّةِ الُْمحْمَاةِ فِي الاَْرْضِ الْخَوَّارَةِ. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ، وَمَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي التِّيهِ !