قالوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ).[ 1 ] وَإِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ الْوَرَقِ، وَتُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ الرِّبَقِ، وَشَبَّهَهَا رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)بِالْحَمَّةِ (الجمّة) تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ، فَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّات، فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنَ الدَّرَنِ؟ وَقَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زِينَةُ مَتَاع، وَلاَ قُرَّةُ عَيْن مِنْ وَلَد وَلاَ مَال. يَقُولُ اللهُ سُبْحانَهُ : (رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ).[ 2 ] وَكَانَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)نَصِباً بِالصَّلاَةِ بَعْدَ التَّبْشِيرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، لِقَوْلِ اللهِ سُبْحانَهُ : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)،[ 3 ] فَكَانَ يَأْمُرُ بِهَا اَهْلَهُ وَيَصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ.
ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلاَةِ قُرْبَاناً لاَِهْلِ الاِْسْلاَمِ،فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا، فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً، وَمِنَ النَّارِ حِجَازاً (حجاباً) وَوِقَايَةً. فَلاَ يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَهُ، وَلاَ يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا لَهَفَهُ، فَإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ النَّفْسِ بِهَا، يَرْجُو بِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ، مَغْبُونُ الاَْجْرِ، ضَالُّ الْعَمَلِ، طَوِيلُ النَّدَمِ.
ثُمَّ أَدَاءَ الاَْمَانَةِ، فَقَدْ خَابَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ الْمَبْنِيَّةِ، وَالاَْرَضِينَ الْمَدْحُوَّةِ، وَالْجِبَالِ ذَاتِ الطُّوْلِ الْمَنْصُوبَةِ، فَلاَ أَطْوَلَ وَلاَ أَعْرَضَ، وَلاَ أَعْلَى وَلاَ أَعْظَمَ مِنْهَا.
وَلَوِ امْتَنَعَ شَيْءٌ بِطُول أَوْ عَرْض أَوْ قُوَّة أَوْ عِزٍّ لاَ مْتَنَعْنَ; وَلكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَعَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ، وَهُوَ الاِْنْسَانُ، (إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا).[ 4 ]