صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ. نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاء، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَة. أَتْعَبَ نَفْسَهُ لاِخِرَتِهِ، وَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ. بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَنَزَاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ. لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْر وَ عَظَمَة، وَلاَدُنُوُّهُ بِمَكْر وَخَدِيعَة.
قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها.
فقال أميرالمؤمنين(عليه السلام): أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَهكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا ؟ فقال له قائل: فما بالك يا أميرالمؤمنين؟ فقال(عليه السلام): وَيْحَكَ، إِنَّ لِكُلِّ أَجَل وَقْتاً لاَ يَعْدُوهُ، وَ سَبَباً لاَ يَتَجَاوَزُهُ. فَمَهْلا، لاَ تَعُدْ لِمِثْلِهَا، فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ!
(يصف فيها المنافقين)
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَذَادَ عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَنَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ تَمَاماً، وَبِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً. وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ كُلَّ غَمْرَة، وَتَجَرَّعَ فِيهِ كُلَّ غُصَّة. وَقَدْ تَلَوَّنَ لَهُ الاَْدْنَوْنَ، وَتَأَلَّبَ عَلَيْهِ الاَْقْصَوْنَ، وَخَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا، وَضَرَبَتْ إِلَى مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا، حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا، مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ، وَأَسْحَقِ الْمَزَارِ.
أُوصِيكُمْ، عِبَادَ اللهِ، بِتَقْوَى اللهِ، وَأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ، فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ، وَالزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ، يَتَلَوَّنُونَ أَلْواناً، وَيَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً. وَيَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَاد وَيَرْصُدُونَكُمْ (يسدّونكم) بِكُلِّ مِرْصَاد قُلُوبُهُمْ دَوِيَّةٌ، وَصِفَاحُهُمْ نَقِيَّةٌ. يَمْشُونَ الْخَفَاءَ، وَيَدِبُّونَ الضَّرَّاءَ. وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ، وَقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ،