قاله للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب، فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فيه، فقال:
يا أميرالمؤمنين، هذه عليك لا لك، فخفض(عليه السلام) إليه بصره ثم قال :
مَا يُدْرِيكَ مَا عَلَيَّ مِمَّا لِي، عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللهِ وَلَعْنَةُ اللاَّعِنِينَ! حَائِكٌ ابْنُ حَائِك! مُنَافِقٌ ابْنُ كَافِر! وَاللهِ لَقَدْ أَسَرَكَ الْكُفْرُ مَرَّةً وَالاِْسْلامُ أُخْرى (مرّة)! فَمَا فَدَاكَ مِنْ وَاحِدَة مِنْهُمَا مَالُكَ وَلاَ حَسَبُكَ! وَإِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلَى قَوْمِهِ السَّيْفَ، وَسَاقَ إِلَيْهِمُ الْحَتْفَ، لَحَرِىٌّ أَنْ يَمْقُتَهُ الاَْقْرَبُ،وَلاَ يَأْمَنَهُ الاَْبْعَدُ!
يريد(عليه السلام) أنه أسر في الكفر مرة وفي الإسلام مرة. وأما قوله: دل على قومه السيف: فأرادبه حديثاً كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة، غرّ فيه قومه ومكر بهم حتّى أوقع بهم خالد، وكان قومه بعد ذلك يسمونه «عُرْفَ النار» وهو اسم للغادر عندهم.
فَإِنَّكُمْ لَوْ عَايَنْتُمْ مَا قَدْ عَايَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ لَجَزِعْتُمْ وَوَهِلْتُمْ، وَسَمِعْتُمْ وَأَطَعْتُمْ، وَلكِنْ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ مَا قَدْ عَايَنُوا، وَقَرِيبٌ مَا يُطْرَحُ الْحِجَابُ! وَلَقَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ، وَأُسْمِعْتُمْ إِنْ سَمِعْتُمْ، وَهُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ، وَبِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ: لَقَدْ جَاهَرَتْكُمُ الْعِبَرُ. وَزُجِرْتُمْ بِمَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ. وَمَا يُبَلِّغُ عَنِ اللهِ بَعْدَ رُسُلِ السَّمَاءِ إِلاَّ الْبَشَرُ.