الْحَمْدُ للهِ الْفَاشِي فِي الْخَلْقِ حَمْدُهُ، وَالْغَالِبِ جُنْدُهُ، وَالْمُتَعَالِي جَدُّهُ. أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ التُّؤَامِ، وَآلاَئِهِ الْعِظَامِ. الَّذِي عَظُمَ حِلْمُهُ فَعَفَا، وَعَدَلَ فِي كُلِّ مَا قَضَى، وَعَلِمَ مَا يَمْضِي وَمَا مَضَى، مُبْتَدِعِ (مبتدى) الْخَلاَئِقِ بِعِلْمِهِ، وَمُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِهِ، بِلاَ اقْتِدَاء وَلاَ تَعْلِيم، وَلاَ احْتِذَاء لِمِثَالِ صَانِع حَكِيم، وَلاَ إِصَابَةِ خَطَأ، وَلاَ حَضْرَةِ مَلاَ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ابْتَعَثَهُ وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ فِي غَمْرَة، وَيَمُوجُونَ فِي حَيْرَة. قَدْ قَادَتْهُمْ أَزِمَّةُ الْحَيْنِ، وَاسْتَغْلَقَتْ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ أَقْفَالُ الرَّيْنِ.
عِبَادَ اللهِ! أُوصِيكُمْ بَتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهَا حَقُّ اللهِ عَلَيْكُمْ، وَالْمُوجِبَةُ عَلَى اللهِ حَقَّكُمْ، وَأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللهِ، وَتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى اللهِ: فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ وَالْجُنَّةُ، وَفِي غَد الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ. مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ، وَسَالِكُهَا رَابِحٌ، وَمُسْتَوْدَعُهَا حَافِظٌ. لَمْ تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الاُْمَمِ الْمَاضِينَ مِنْكُمْ وَالْغَابِرِينَ، لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا غَداً. إِذَا أَعَادَاللهُ مَا أَبْدَى،وَأَخَذَ مَاأَعْطَى، وَسَأَلَ عَمَّا أَسْدَى، فَمَا أَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا، وَحَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا! أَولئِكَ الاَْقَلُّونَ عَدَداً، وَهُمْ أَهْلُ صِفَةِ اللهِ سُبْحانَهُ إِذْ يَقُولُ: ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).[ 1 ] فَأَهْطِعُوا (فانقطعوا) بِأَسْمَاعِكُمْ إِلَيْهَا، وَ أَلِظُّوا بِجِدِّكُمْ عَلَيْهَا، وَاعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَف خَلَفاً، وَمِنْ كُلِّ مُخَالِف مُوَافِقاً. أَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ، وَاقْطَعُوا بِهَا يَوْمَكُمْ، وَأَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ. وَارْحَضوا بِها ذُنُوبَكُمْ وَدَاوُوا بِهَا الأَسْقَامَ وَبَادِرُوا بِها الْحِمَامَ وَاعْتَبِرُوا بِمَنْ أَضَاعَهَا، وَلاَ يَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ أَطَاعَهَا أَلاَ فَصُونُوهَا وَتَصَوَّنُوا بِهَا.