إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لاَ يَحْمِلُهُ إِلاَّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ للاِْيمَانِ، وَلاَ يَعِي حَدِيثَنَا إِلاَّ صُدُورٌ أَمِينَةٌ، وَأَحْلاَمٌ رَزِينَةٌ.
أَيُّهَا النَّاسُ، سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَلاََنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الاَْرْضِ، قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا، وَتَذْهَبُ بِأَحْلاَمِ قَوْمِهَا.
أَحْمَدُهُ شُكْراً لاِِنْعَامِهِ، وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِهِ، عَزِيزَ الْجُنْدِ، عَظِيمَ الَْمجْدِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ، وَقَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دِينِهِ، لاَ يَثْنِيهِ عَنْ ذلِكَ اجْتَِماعٌ عَلَى تَكْذِيبِهِ، وَالِْتمَاسٌ لاِِطْفَاءِ نُورِهِ.
فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّ لَهَا حَبْلا وَثِيقاً عُرْوَتُهُ، وَمَعْقِلا مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ. وَبَادِرُوا الْمَوْتَ وَ غَمَرَاتِهِ، وَامْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ، وَأَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ: فَإِنَّ الْغَايَةَ الْقِيَامَةُ; وَكَفَى بِذلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ، وَمُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ! وَقَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ الاَْرْمَاسِ، وَشِدَّةِ الاِْبْلاَسِ، وَهَوْلِ الْمُطَّلَعِ، وَرَوْعَاتِ الْفَزَعِ، وَاخْتِلاَفِ الاَْضْلاَعِ، وَاسْتِكَاكِ الاَْسْمَاعِ، وَظُلْمَةِ اللَّحْدِ، وَخِيفَةِ الْوَعْدِ، وَغَمِّ الضَّرِيحِ، وَرَدْمِ الصَّفِيحِ. فَاللهَ اللهَ عِبَادَ اللهِ! فَإِنَّ الدُّنْيَا مَاضِيَةٌ بِكُمْ عَلَى سَنَن، وَأَنْتُمْ وَالسَّاعَةُ فِي قَرَن، وَكَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا، وَأَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا، وَوَقَفَتْ بِكُمْ عَلَى صِرَاطِهَا (سراطها). وَكَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ بِزَلاَزِلِهَا،