اسْكُتْ قَبَحَكَ اللهُ يَا أَثْرَمُ، فَوَاللهِ لَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ فَكُنْتَ فِيهِ ضَئِيلا شَخْصُكَ، خَفِيّاً صَوْتُكَ; حَتَّى إِذَا نَعَرَ الْبَاطِلُ نَجَمْتَ نُجُومَ قَرْنِ الْمَاعِزِ.
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لاَ تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ، وَلاَ تَحْوِيهِ الْمَشَاهِدُ، وَلاَ تَرَاهُ النَّوَاظِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، الدَّالِّ عَلَى قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ، وَبِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلَى وُجُودِهِ، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ (أشباههم) عَلَى أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ.
الَّذِي صَدَقَ فِي مِيعَادِهِ، وَارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ، وَقَامَ بِالْقِسْطِ فِي خَلْقِهِ، وَعَدَلَ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِ. مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الاَْشْيَاءِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَبِمَا وَسَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلَى قُدْرَتِهِ، وَبِمَا اضْطَرَّهَا إِلَيْهِ مِنَ الْفَنَاءِ عَلَى دَوَامِهِ. وَاحِدٌ لاَ بِعَدَد، وَدَائِمٌ لاَ بِأَمَد، وَقَائِمٌ لاَ بِعَمَد. تَتَلَقَّاهُ الاَْذْهَانُ لاَ بِمُشَاعَرَة، وَتَشْهَدُ لَهُ الْمَرَائِي لاَ بِمُحَاضَرَة. لَمْ تُحِطْ بِهِ الاَْوْهَامُ، بَلْ تَجَلَّى لَهَا بِهَا، وَبِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا حَاكَمَهَا. لَيْسَ بِذِي كِبَر امْتَدَّتْ بِهِ النَّهَايَاتُ فَكَبَّرَتْهُ تَجْسِيماً، وَلاَ بِذِي عِظَم تَنَاهَتْ بِهِ الْغَايَاتُ فَعَظَّمَتْهُ تَجْسِيداً; بَلْ كَبُرَ شَأْناً، وَعَظُمَ سُلْطَاناً.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّد اًعَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّفِيُّ (المصطفى)، وَأَمِينُهُ الرَّضِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ، وَظُهُورِ الْفَلَجِ، وَإِيضَاحِ الْمَنْهَجِ; فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً بِهَا، وَحَمَلَ عَلَى الَْمحَجَّةِ دَالاًّ عَلَيْهَا، وَأَقَامَ أَعْلاَمَ الاِْهْتِدَاءِ وَمَنَارَ الضِّيَاءِ، وَجَعَلَ أَمْرَاسَ الاِْسْلاَمِ مَتِينَةً، وَعُرَا الاِْيمَانِ وَثِيقَةً.