وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لاَْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ: وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، وَالْغَيُّ وَالضَّلاَلُ، فَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلاَ تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ تَعَالى بِمِثْلِهِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ (ماحل) مُصَدَّقٌ، وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُنَادِي مُنَاد يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «أَلاَ إِنَّ كُلَّ حَارِث مُبْتَلًى فِي حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ، غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ». فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَاسْتَدِلُّوهُ عَلَى رَبِّكُمْ، وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ، وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ.
الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ، وَالاِسْتِقَامَةَ الاِْسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ، وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ! «إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ»، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ، وَإِنَّ لِلاِْسْلاَمِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِهِ. وَاخْرُجُوا إِلَى اللهِ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ، وَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ. أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ، وَحَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ. أَلاَ وَإِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ وَقَعَ، وَالْقَضَاءَ الْمَاضِيَ قَدْ تَوَرَّدَ; وَإِنِّي مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ اللهِ وَحُجَّتِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَنْ لاَ تَخَافُوا، وَلاَ تَحْزَنُوا، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)،[ 1 ] وَ قَدْ قُلْتُمْ : «رَبُّنَا اللهُ»، فَاسْتَقِيمُوا عَلَى كِتَابِهِ، وَعَلَى مِنْهَاجِ أَمْرِهِ، وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادَتِهِ (طاعته)، ثُمَّ لاَتَمْرُقُوا مِنْهَا، وَ لاَ تَبْتَدِعُوا فِيهَا، وَ لاَ تُخَالِفُوا عَنْهَا. فَإِنَّ أَهْلَ الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَتَهْزِيعَ الاَْخْلاَقِ وَتَصْرِيفَهَا، وَاجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً، وَلْيَخْزُنِ الرَّجُلُ لِسَانَهُ، فَإِنَّ هذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ. وَاللهِ مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تَقْوَى تَنْفَعُهُ حَتَّى يَخْزُنَ لِسَانَهُ. وَإِنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، وَإِنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ. لاَِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلاَم تَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ