(في وقت الشورى)
لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ، وَصِلَةِ رَحِم، وَعَائِدَةِ كَرَم. فَاسْمَعُوا قَوْلِي، وَعُوا مَنْطِقِي; عَسَى أَنْ تَرَوْا هذَا الاَْمْرَ مِنْ بَعْدِ هذَا الْيَوْمِ تُنْتَضَى فِيهِ السُّيُوفُ، وَتُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لاَِهْلِ الضَّلاَلَةِ، وَشِيعَةً لاَِهْلِ الْجَهَالَةِ.
(في النّهى عن عيب النّاس)
وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لاَِهْلِ الْعِصْمَةِ وَالْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلاَمَةِ أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَيَكُونَ الشُّكْرُهُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ، وَالْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ، فَكَيْفَ بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاهُ وَعَيَّرَهُ بِبَلْوَاهُ! أَمَا ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللهِ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي عَابَهُ بِهِ! وَكَيْفَ يَذُمُّهُ بِذَنْب قَدْ رَكِبَ مِثْلَهُ! فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِهِ فَقَدْ عَصَى اللهَ فِيَما سِوَاهُ، مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَايْمُ اللهِ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَاهُ فِي الْكَبِيرِ، وَعَصَاهُ فِي الصَّغِيرِ، لَجَرَاءَتُهُ عَلَى عَيْبِ النَّاسِ أَكْبَرُ! يَا عَبْدَ اللهِ، لاَ تَعْجَلْ فِي عَيْبِ أَحَد (عبد) بِذَنْبِهِ، فَلَعَلَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ، وَلاَ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَة، فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْهِ. فَلْيَكْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِهِ، وَلْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلا لَهُ عَلَى مُعَافَاتِهِ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ غَيْرُهُ.