(قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين)
وَأَيُّ امْرِئ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رَبَاطَةَ جَأْش عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَرَأَى مِنْ أَحَد مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلا فَلْيَذُبَّ (فليذبب) عَنْ أَخِيهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ،فَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ. إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لاَ يَفُوتُهُ الْمُقِيمُ، وَلاَ يُعْجِزُهُ الْهَارِبُ. إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ! وَالَّذِي نَفْسُ ابْنِ أَبِي طَالِب بِيَدِهِ، لاََلْفُ ضَرْبَة بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مِيتَة عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ!
ومنه : وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ كَشِيشَ الضِّبَابِ: لاَ تَأْخُذُونَ حَقّاً، وَلاَ تَمْنَعُونَ ضَيْماً، قَدْ خُلِّيتُمْ وَالطَّرِيقَ، فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ، وَالْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ.
(في حث أصحابه على القتال)
فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ، وَأَخِّرُوا الْحَاسِرَ، وَعَضُّوا عَلَى الاَْضْرَاسِ، فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ; وَالْتَوُوا فِي أَطْرَافِ الرِّمَاحِ، فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلاَْسِنَّةِ; وَغُضُّوا الاَْبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ، وَأَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ; وَأَمِيتُوا الاَْصْوَاتَ، فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ. وَرَايَتَكُمْ فَلاَ تُمِيلُوهَا وَلاَ تُخِلُّوهَا، وَلاَ تَجْعَلُوهَا إِلاَّ بِأَيْدِي شُجْعَانِكُمْ، وَالْمَانِعِينَ الذِّمَارَمِنْكُمْ، فَإِنَّ الصَّابِرِينَ عَلَى نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمُ الَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِهِمْ،