يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً، وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ أَجْنَانٌ، وَمِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ (اكنان)، وَمِنَ الرُّفَاتِ جِيرَانٌ، فَهُمْ جِيرَةٌ لاَ يُجِيبُونَ دَاعِياً، وَلاَ يَمْنَعُونَ ضَيْماً، وَلاَ يُبَالُونَ مَنْدَبَةً. إِنْ جِيدُوا لَمْ يَفْرَحُوا، وَإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا. جَمِيعٌ وَهُمْ آحَادٌ، وَجِيرَةٌ وَهُمْ أَبْعَادٌ. مُتَدَانُونَ لاَ يَتَزَاوَرُونَ، وَقَرِيبُونَ لاَ يَتَقَارَبُونَ. حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ، وَجُهَلاَءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ. لاَ يُخْشَى فَجْعُهُمْ، وَلاَ يُرْجَى دَفْعُهُمْ، اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الاَْرْضِ (الأرضين) بَطْناً، وَبِالسِّعَةِ ضِيقاً، وَبِالاَْهْلِ غُرْبَةً، وَبِالنُّورِ ظُلْمَةً، فَجَاؤُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا، حُفَاةً عُرَاةً، قَدْ ظَعَنُوا (طعنوا) عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ وَالدَّارِ الْبَاقِيَةِ، كَمَا قَالَ سُبْحانَهُ وَتَعَالى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُعِيدُهُ، وَعْداً عَلَيْنَا، إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ).[ 1 ]
(ذكر فيها ملك الموت وتوفية الأنفس)
هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلا ؟ أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّى أَحَداً؟ بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ! أَيَلِجُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا أَمِ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا؟ أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فِي أَحْشَائِهَا؟ كَيْفَ يَصِفُ إِلهَهُ مَنْ يَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوق مِثْلِهِ؟!