(الجائر) الَّذِي لاَ يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ; بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ، وَالْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ، وَهُوَ عِنْدَ اللهِ أَلْوَمُ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، وَتَحَبَّبَتْ بَالْعَاجِلَةِ، وَ رَاقَتْ بِالْقَلِيلِ، وَتَحَلَّتْ بِالاْمَالِ، وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ. لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا، وَلاَ تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا.
غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ، حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ، نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ، أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ. لاَ تَعْدُو إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَاءِ (الرّضى) بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى سُبْحانَهُ : (كَمَاء أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاَْرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ، وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء مُقْتَدِراً).[ 1 ] لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَة إِلاَّ أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً; وَلَمْ يَلْقَ فِي سَرَّائِهَا بَطْناً، إِلاَّ مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً; وَلَمْ تَطُلَّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاء، إِلاَّ هَتَنَتْ عَلَيْهِ مُزْنَةُ بَلاَء! وَحَرِيٌّ (حرّيا) إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً، وَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَاحْلَوْلَى، أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى! لاَ يَنَالُ امْرُءٌ مِنْ غَضَارَتِهَا رَغَباً، إِلاَّ أَرْهَقَتْهُ مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً! وَلاَ يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْن، إِلاَّ أَصْبَحَ عَلَى قَوَادِمِ خَوْف! غَرَّارَةٌ، غُرُورٌ مَا فِيهَا، فَانِيَةٌ، فَان مَنْ عَلَيْهَا.