استصحاب بقاء حجّية ما اختاره، حيث إنّه يشكّ في سقوطه عن الحجّية باختيار الآخر، فيستصحب بقاؤها.[ 1 ]
يلاحظ على الأوّل: أنّ التخيير في المقام ليس بمعنى تفويض الأمر إلى المكلّف في جعل أحد الخبرين حجّة فانّه أشبه بإعطاء التشريع ولو في ظرف خاص بيد المكلّف وهو كما ترى، بل الظاهر أنّ معناه هو تفويض الأمر إلى المكلّف في اختيار ما جعله الشارع حجّة، لا جعله حجّة، وما للمكلّف وجعل الحجّية!؟ وعندئذ يكون ذاك الاختيار باقياً مادام الموضوع باقياً ولايرتفع الموضوع بأخذ أحدهما.
ويلاحظ على الثاني: أنّ انتخاب واحد منهما ليس بمعنى إبطال حجّية الآخر بل كلاهما مطلقاًحجّة وللمكلّف اختيار عدله وقرينه أيضاً، وبعبارة أُخرى الخبران حجّتان، وبما أنّ المكلّف غير قادر على الجمع بين الحجّتين، حكم عليه بالتخيير، وبذلك لا يتمّ كون الموضوع من ليس بذي حجّة بل الموضوع من قامت عنده حجّتان وهو ثابت قبل الأخذ بأحدهما وبعده.
تمّ الكلام حول طائفتين من الروايات.
الطائفة الثالثة:
الآمرة بالأخذ بذي الترجيح
إذا عرفت دلالة الطائفة الأُولى على التخيير، والطائفة الثانية على التوقّف، فاعلم أنّ هناك طائفة ثالثة من الأخبار تدلّ على الأخذ بذات الترجيح، وهي كثيرة مبثوثة في أبواب مختلفةوتوضيح حالها يتوقّف على البحث في جهات: