قد جرت سيرة الفقهاء على تقديم الجمع بين المتعارضين على طرح كليهما أو أحدهما.وقد ادّعى عليه الإجماع وهذا على وجه الإجمال لا إشكال فيه. إنّما الكلام في الضابطة التي ادّعاها ابن أبي جمهور الأحسائي من أنّ الجمع مهما أمكن أولى من الطرح فهل على تلك القاعدة بسعتها دليل، سواء كان الجمع مقروناً بقرينة داخلية أو خارجية أو لا ؟ أو إنّما المقبول هو الجمع المقرون بشاهد موجود في نفس الحديثين أو في كلام ثالث له صلة بهما، وأمّاالجمع لامع الشاهد، بل باحتمال غير مقرون بالدليل، الظاهر لا دليل عليه إذ لو صحّت الضابطة لاتصل النوبة إلى المرجّحات ولا إلى التخيير أبداً ولجاز حمل قوله ـ عليه السّلام ـ :«ثمن العذرة سحت» على الأراضي الصلبة المستغنية عنها ، وقوله ـ عليه السّلام ـ :«لابأس ببيع العذرة»، على الأرض الرخوة التي لاتقوم الزراعة فيها إلاّ بالتسميد بمثلها أو غيرها.
أُستدل لهذه الضابطة المدّعاة بما يلي: المتعارضان يجب الجمع بينهما مهما أمكن.وإلاّ يلزم طرح كليهما أو طرح أحدهما والأوّل خلاف الأصل، والآخر يستلزم الترجيح من غير مرجّح.
وإن شئت صياغة الدليل في قالب القياس فقل: «المتعارضان دليلان».