وبالذات، ولمّا دفعتها ـ لأجل المشاكل ـ إلى العبّاد والزهّاد، من دون أن تعيّن واحداً منهم صار الجميع بالنسبة إلى هذه المفخرة متساوية، فتشاحوا وتنازعوا واتّفقوا على المساهمة والمقارعة لأجل حسم النزاع.
وقد وقعت المقارعة في مجهول ليس له واقع محفوظ معلوم واقعاً، ومجهول ظاهراً، والمراد من تميّز الحقوق في عبارة أمين الإسلام، تعيّنه في واحد منهم لعدم إمكان تقسيم هذا الحقّ، لاقيام الجميع به فتعيّن أن يقوم به واحد الذي لايتعيّن إلاّ بالمساهمة.
2ـ المساهمة في تعيين من يلقى في البحر
إنّ اللّه سبحانه أوعد قوم يونس بالعذاب وأخبرهم يونس به ولمّا كشف عنهم العذاب وقبلت توبتهم، ترك يونس قومه مغاضباً ومضى إلى ساحل البحر وركب السفينة، وأحسّ الرّكاب أنّ السفينة مشرفة على الغرق ولو خفّفت بالقاء واحد من الرّكاب إلى البحر، لنجى الكلّ، فساهموا فجاء السهم باسم يونس.
وربّما يقال: إنّ السفينة احتبست فقال الملاّحون إنّ فيها عبداً آبقاً، فانّ من عادة السفينة إذا كان فيها آبق أن لاتجري فلذلك اقترعوا فوقعت القرعة على يونس ثلاث مرّات فعلموا أنّه المطلوب فألقى نفسه في البحر.
والمساهمة: المقارعة مأخوذة من إلقاء السهام. والدحض: الزلق، ويطلق على السقوط.
وقد جاءت قصّة يونس في سورة القلم من دون إشارة إلى المساهمة وقال:(وَلاتَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ إذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُوم* لَوْلا أنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ )