إنّ اليد في اللغة بمعنى الجارحة المعلومة لكنّها أُستعيرت في المقام للاستيلاء على الشيء، وذلك لأنّ تخصيص اليد بالاستيلاء من بين سائر الأعضاء لأجل أمرين:
الأوّل: إنّ اليد أشدّ دوراً من بين سائر الأعضاء في اكتساب الخير والشر وإنجاز الأعمال والاستيلاء على الأشياء، ولأجل ذلك ينسب المعاصي إلى الأيدي مع أنّها تتحقّق بالرجل و العين والسمع واللسان يقول سبحانه: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيَكُمْ وأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاّم للعَبِيد) (آل عمران/182)، (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس).(الروم/41).وقال عزّ من قائل:(وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَهْلُكَة). (البقرة/194) مع أنّ الإلقاء في التهلكة يتحقّق بسائر الأعضاء أيضاً ولكن لمّا كان اكتساب الأُمور بالأيدي أشدّ وأكثر من سائرها نسبت المعاصي إليها.
الثاني: إنّ الإنسان في القرون الخالية كان يعيش بأبسط الوجوه والطرق فكانت وسيلته الوحيدة لتخصيص شيء من مظاهر الطبيعة هي اليد، فيصيد بيده ويجتبي الثمرة بها، فيتسلّط على ما حازه بتلك الأداة ويرى نفسه أولى به من غيره، وتجاوز الغير إليها ظلماً وجوراً حتّى صار ذلك مبدأً لاعتبار الملكيّة وراء الاختصاص.
ولأجل ذلك نرى أنّ الإمام (عليه السّلام) يعبّر عن استيلاء المجاهدين على ما في المعسكر بالاجتناء باليد، ويقول لعبد اللّه بن زمعة: إنّ هذا المال ليس لي ولا لك فإنّ شركتهم في حربهم كان لك مثل حظّهم وإلاّفجناة أيديهم لايكون لغير