والبحث وإن كان حول المجتهد التارك للفحص إلاّ أنّ ملاكه يعمّ العامي التارك للتقليد، فإنّ ترك تقليده كترك فحص المجتهد ويقع الكلام تارة قبل انكشاف الواقع، وأُخرى بعده. أمّا الأوّل فالحكم فيه ما ذكره السيد الطباطبائي في العروة الوثقى في أحكام التقليد في المسألة السابعة: عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل، ومثله عمل المجتهد التارك للفحص والآخذ بالعمومات أو المطلق أو الأصل قبل الفحص عن مخصّصه أو مقيّده أو البيان الوارد في الشرع فهو محكوم بالبطلان، والمراد من البطلان عدم الاجتزاء به بحكم العقل لعدم المؤمِّن لا أنّه باطل واقعاً، وأمّا الثاني فهو الذي ذكره في المسألة السادسة عشر وقال: عمل الجاهل المقصّـر الملتفت باطل ... إلى آخر ما ذكره. فنقول الكلام إنّما هو بعد انكشاف الواقع والصور المتصوّرة أربعة.
الصورة الأُولى: ما إذا كان العمل مخالفاً لفتوى من يجب عليه الرجوع إليه حين العمل وفعلاً فلا إشكال في البطلان ظاهراً لعدم قيام الحجّة الفعلية على صحّة العمل وإن كانت الصحّة الواقعية تابعة لموافقته لنفس الحكم الواقعي، إلاّ أنّ رأي المجتهد لما كان طريقاً إلى الواقع، يحكم بالبطلان حسب الطريق، وعدم الاكتفاء بالموافقة الواقعية.