إنّ الشيء المشكوك تارة يكون جزء المأمور به ـ وهذا هو الذي سبق الكلام فيه ـ وأُخرى يكون شرطاً له منتزعاً من أمر خارجي كالطهارة في الصلاة المنتزعة من الوضوء وأخويه، وثالثة تكون خصوصية قائمة بالموضوع غير مقوّمة له، كالإيمان بالنسبة إلى الرقبة [ 1 ] ورابعة خصوصية قائمة به مقوّمة له كالإنسانية بالنسبة إلى الحيوان والظهرية بالنسبة إلى صلاة الظهر.
فإذا شك في أنّ الواجب هو الصلاة أو هي مع الطهور، أو أنّ الواجب عتق مطلق الرقبة أو الرقبة المؤمنة، أو أنّ الواجب إطعام مطلق الحيوان أو خصوص نوع منه كالإنسان، فالحقّ جريان البراءتين: العقلية والشرعية.
أمّا الأُولى فلأنّ الملاك في جريانها هو كلّ مشكوك يحتاج أخذها في موضوع الدليل، إلى لحاظ يخصّه في مقام الجعل والثبوت، وإلى البيان الزائد في عالم الإيصال والإثبات من غير فرق بين أن يكون منتزعاً من أمر خارج كالطهارة بالنسبة إلى الغسلات والمسحات، أو منتزعاً من خصوصية موجودة فيه من دون فرق بين أن يكون مقوّماً، أو لا يكون كذلك، لأنّ ملاك جريانها هو الحاجة الجديدة إلى اللحاظ والبيان في مقامي الثبوت والإثبات وهي موجودة في جميع الأقسام.
[1]وهذا ما أسماه المحقق الخراساني بالمطلق والمشروط، كما سمى القسم الرابع بالعام والخاص.