العقلية والعادية ليست من الشرائط التي لها دخل في ثبوت الملاكات النفس الأمرية. بل هي من شرائط حسن الخطاب لقبح التكليف عند عدمهما، ولكنّ الملاك محفوظ في كلتا الصورتين: وجود القدرة وعدمها، والعقل يستقلّ بلزوم رعاية الملاك وعدم تفويته مهما أمكن، ومع الشك في القدرة تلزم رعاية الاحتمال تخلّصاً عن الوقوع في مخالفة الواقع، كما هو الشأن في المستقلاّت العقلية، فلو صار المشكوك فيه طرفاً للعلم الإجمالي يكون حاله حال سائر موارد العلم الإجمالي بالتكليف من حيث حرمة المخالفة القطعية، ولا يجوز اجراء البراءة في الطرف الذي هو داخل في محلّ الابتلاء[ 1 ].
يلاحظ على كلا البيانين أوّلاً: أنّ لازم ذلك الاجتناب عن الطرف المشكوك حتى في ما إذا علم خروج الطرف الآخر عن محلّ الابتلاء قطعاً، للتحفّظ على الملاك بقدر ما أمكن وهؤلاء لا يقولون به.
وثانياً: أنّ العلم بالملاك مع الشك في حسن الخطاب، يحتاج إلى دليل، لأنّ الملاك إنّما يستكشف من خطاب المولى ومع عدمه، كما في الخروج القطعي عن محلّ الابتلاء أو مع الشك فيه كما في المقام لا علم لنا بوجود ملاك قطعي لازم الإحراز، فلعلّ للقدرة العادية تأثير في تمامية الملاك كما هو الحال في القدرة الشرعية كما في الاستطاعة.
المسألة الثالثة:
إذا شك في صدق الابتلاء على مورد، لا من جهة إجمال مفهوم المخصّص، بل لأجل الجهل بواقع المورد، بحيث لو علم واقعة، لما كان هنا شك من ناحية مفهوم الابتلاء والخارج عنه، كما إذا تردّد الاناء الآخر بين كونه واقعاً في البلد الذي