وأمّا الثاني: فلأنّ مستند دعوى الأكثر هو الآيات والروايات وغيرهما، ومع معلومية السند لا يصحّ الاستناد إلى الاجماع.
وأمّا السيرة العملية من علماء الفريقين فهي صحيحة، لكن عملهم بها لم يكن بما هم متشرّعة، بل بما هم عقلاء وحيث استقرت سيرتهم على العمل بقول الثقة، يرجع ذلك إلى الدليل الثالث. وعلى كلا الفرضين لا يكون الاجماع دليلاً مستقلاً.
الخامس: الاستدلال بالعقل ويقرّر بوجوه:
الأوّل: ما قرّره الشيخ في الفرائد، وتبعه المحقق النائيني على اختلاف في كيفية التقرير، ولبّ ما أفاده هو إجراء الانسداد الصغير في مورد الأخبار، في مقابل الانسداد الكبير في الأحكام والوظائف، وحاصل الفرق بين الانسدادين هو أنّ مقدمات الانسداد الكبير إنّما تجري في نفس الأحكام لتستنتج منها حجّية مطلق الظنّ فيها، وأمّا مقدمات انسداد الصغير فهي إنّما تجري في بعض ما يتوقف عليه استنباط الحكم من الرواية كالعلم بالصدور أو العلم بكون الخبر ظاهراً في المعنى المنطبق، ولو قلنا بانسداد باب العلم فيهما تكون نتيجة إجراء الانسداد فيهما هي الاكتفاء في إحراز الصدور بالظن، وفي إحراز الظهور به أيضاً، فتكون نتيجة إجرائه في الأوّل هو حجّية كلّ ما ظن صدوره، ومنها قول الثقة أو كلّ ظن يثبت الظهور ومنها قول اللغوي.
إذا عرفت ذلك فنقول: فيمكن تقرير الانسداد في المقام بالبيان التالي:
أنّا نعلم إجمالاً بصدور كثير من الأخبار المودعة فيما بأيدينا من الكتب ولا سبيل إلى منع العلم بذلك، وعلى ذلك فنحن مكلّفون بما تضمّنه هذه الأخبار من الأحكام، هذا من جانب.