وهذا بخلاف خبر العادل فإنّه من جهة توّرعه عن محارم اللّه لا يقدم على التعمّد بالكذب، فاحتمال تعمّد كذبه في خبره منفي بعدالته، ولازمه حجية خبره ووجوب العمل على طبقه بدون التبيّـن [ 1 ].
هذه هي التقريبات التي ذكرها الأعلام وهي بين مقبول ومرفوض والمقبول هو الوجهان الأخيران، ولكن لا صلة لهما بمفهوم الشرط.
ثمّ إنّ الإشكالات المتوجّهة إلى الاستدلال بالآية، تتوجّه تارة إلى إنكار الاقتضاء وأنّه لا دلالة للآية على حجّية قول الثقة، وأُخرى إلى إبداء موانع بعدتسليم الاقتضاء، أمّا الأُولى: فقد تقدّمت وإليك بيان القسم الثاني، وهو أُمـور:
الأوّل: عموم التعليل مانع عن تمامية دلالة الآية:
إنّ المفهوم على تقدير ثبوته معارض لعموم التعليل، أعني: قوله سبحانه: (أن تُصيبوا قَوماً بِجَهالة)والجهالة بمعنى عدم العلم، مشترك بين خبري العادل والفاسق، والتعليل أقوى ويقدّم على المفهوم، ولسانه آب عن التخصيص بأي شيء سواء كان المخصّص هو المفهوم أو غيره.
وأُجيب عن الإشكال بوجوه:
1ـ ما أجاب به المحقّق النائيني من أنّ المفهوم حاكم على التعليل، لأنّ أقصى ما يدل عليه التعليل، عدم جواز العمل بما وراء العلم، والمفهوم يقتضي إلغاء احتمال الخلاف وجعل الخبر العادل محرزاً للواقع وعلْماً في مقام التشريع فلا يعقل أن يقع التعارض بينهما، لأنّ المحكوم لا يعارض الحاكم ولو كان ظهوره أقوى [ 2 ].
[1]نهاية الأفكار: ج3 / 107 للشيخ محمد تقي البروجردي ، تقرير لبحث المحقق العراقي. [2]فوائد الأُصول: ج3 ص 172.