الأصحاب بالرواية من عصر الغيبة يورث الوثوق الشخصي بالصدور وهذا كاف في دخوله تحت دليل حجّية خبر الواحد.
نعم ليس المراد من عمل الأصحاب، عمل المتأخّرين منهم عليها، بل عمل قدماء الأصحاب الذين كانوا متقاربي العصر، لزمان صدور الروايات، وعارفين بخصوصياتها، فإنّ عمل والد الصدوق، وولده، والمفيد وتلميذيه (المرتضى والشيخ) والحلبي وسلاّر والقاضي، يورث طمأنينة بصدور الرواية، فتشمله أدلّة حجّية الخبر.
نعم لا عبرة بعمل المتأخّرين وشهرة المسألة بين المتأخّرين، إذ لا يتميّزون عنّا بشيء، ونحن وإيّاهم أمام الأدلّة سواء.
هذا هو الذي ساقنا إلى القول بكون الشهرة العملية بالرواية جابر لضعف السند، بل ضعف الدلالة لاحتمال إحتفاف الرواية بقرينة حالية، هداهم إلى الافتاء بمضمونها.
ثمّ إنّه خالف في الموضوع أيضاً المحقق الخوئي، فكما رأى أنّ الإعراض غير موهن، رأى أنّ الشهرة العملية أيضاً غير جابرة، وأفاد في ذلك بأنّ الصغرى (عمل الأصحاب بالرواية) والكبرى (كونه جابراً) مشكل، فقال:
إذا كان الخبر الضعيف غير حجّة في نفسه على الفرض، وكذلك فتوى المشهور غير حجّة على الفرض يكون المقام من قبيل انضمام غير الحجّة، إلى غير الحجّة فلا يوجب الحجّية، فإنّ انضمام العدم إلى العدم لا ينتج إلاّ العدم.
ودعوى أنّ عمل المشهور بخبر ضعيف توثيق عملي للمخبر به، فيثبت به كونه ثقة، فيدخل في موضوع الحجّية ، مدفوعة بأنّ العمل مجمل لا يعلم وجهه، فيحتمل أن يكون عملهم به لما ظهر لهم من صدق الخبر ومطابقته للواقع، بحسب نظرهم واجتهادهم، لا لكون المخبر ثقة عندهم، فالعمل بخبر ضعيف لا يدل على توثيق المخبر به ولا سيما أنّهم لم يعملوا بخبر آخر لنفس هذا المخبر.