إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تحليل الطريقية فهل هي من ذاتيات القطع أو من لوازم وجوده، أو لا هذا ولا ذاك؟ فالظاهر عدم صحّة الأوّلين. أمّا عدم كونها من ذاتياته، فلأنّ الذاتي، إمّا أن يراد منه ذاتي باب الايساغوجي، أعني النوع والجنس، والفصل، أو ذاتي باب البرهان، أعني ما يكون وضع الموضوع فيه كافياً في وضع المحمول، ومن المعلوم أنّ الطريقية ليست جنساً للقطع ولا فصلاً ولا نوعاً، لأنّ حقيقة القطع ترجع إلى كونه من الحالات النفسانية قائمة بها كسائر الصفات النفسانيّة، غاية الأمر له خصوصية وهي كونه وسيلة الإنسان للإتصالبالخارج على سبيل الاقتضاء لا العلّة التامّة، وهو غير كون الطريقية ذاته أو ذاتياته، والعجب أنّ المحقق الاصفهاني زعم أنّها ذات القطع فقال: إنّ ذاته نفس الانكشاف وانتزاع الكاشف عنه باعتبار وجدانه لنفسه، ولا معنى للطريقية إلاّ وصول الشيء بعين حضوره للنفس فالطريقية عين ذاته لا من ذاتياته[ 1 ].
يلاحظ عليه: أنّ القطع كسائر الصفات النفسانية، كالحسد والبخل والظن والشك فهي بسائط من حيث الوجود، غاية الأمر أنّ لبعضها إمكان الكشف عن الواقع دون البعض الآخر لا أنّ الكشف نفس ذاته.
وأمّا عدم كونها من لوازم وجوده إذ لو كان كذلك لما انفكّت عنه، مع أنّ تخلف القطع عن الواقع غير عزيز، فلو صحّ لنا جعلها من لوازم وجوده يجب أن تعدّ من لوازم وجود قسم من القطع، أعني ما إذا كان مطابقاً للواقع.