كان البحث السابق حول الكبرى وأنّ الظاهر حجة أو لا؟ وقد عرفت أنّه إمّا من الأُمور المفيدة للقطع بالمقصود الاستعمالي على المختار، أو خارج عن تحت الأصل لأجل بناء العقلاء.
وحان البحث عن تشخيص الظواهر وأنّ هذه الكلمة هل هي ظاهرة في ذاك المعنى أو لا؟ وقد ذكروا لتشخيصه أُموراً وأمارات فرغنا عن أكثرها من التبادر وصحّة الحمل والسلب، والاطراد، وأصالة الحقيقة، وأصالة عدم القرينة، ومن تلك الأمارات : قول اللغوي، فهل هو حجة بالخصوص أو لا؟
توضيحه: أنّه لو قلنا: إنّ تشخيص المعاني الحقيقية عن المجازية من الأُمور الحسّية، واللغوي يشهد بأنّه موضوع لكذا، يدخل في باب الشهادة فيعتبر فيه التعدد، والعدالة والإحساس.
وأمّا إن قلنا: بأنّ التشخيص المزبور من الأُمور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي ، وقلنا: بأنّ اللغوي خبير هذا الأمر، تكون حجّية قوله من باب حجّية قول أهل الخبرة كالمقوّم والطبيب، ولا يعتبر فيه العدالة والتعدد واعتبار العدالة في الفقيه لدليل.
أمّا القول الأوّل: فقد اختاره المحقق الخوئي ـ دام ظله ـ قائلاً: بأنّ تعيين معاني الألفاظ من قبيل الأُمور الحسّية التي لا دخل للنظر والرأي فيها، لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات ليس له إعمال النظر والرأي فيكون داخلاً في باب الشهادة المعتبرة فيها العدالة والتعدد على قول المشهور [ 2 ].
[1]أي المورد الثاني ممّا خرج عن الأصل الأولي وكان الأوّل هو الظواهر. [2]مصباح الأُصول: 2/ 131.