وفسّـره الشيخ الأعظم بالفرق بين الخطابين (الخطابات العامّة والخطابات الموجّهة لشخص خاص) فإنّ الوقوع في خلاف المقصود في الثاني مستند إلى أحد أمرين إمّا غفلة المتكلّم عن إلقاء الكلام على وجه يفي بالمراد أو غفلة المخاطب من الالتفات إلى ما اكتنف به الكلام، وكلاهما منتفيان، وأمّا إذا لم يكن الشخص مقصوداً بالخطاب كان لوقوعه في الخلاف منشأ ثالث وهو أنّ المخاطب قد فهم المراد بقرينة قد اختفت عليه وليس يجب على المتكلّم إلاّ نصب القرينة لمن يقصد إفهامه، ولو سلّمنا حصول الظنّ وانتفاء القرائن المتّصلة، لكن القرائن الحالية وما اعتمد عليه المتكلّم من الأُمور العقليّة أو النقلية الكلّية أو الجزئية المعلومة عند المخاطب الصارفة لظاهر الكلام، ليست ممّا يحصل الظن بانتفائها بعد البحث والفحص، ولو فرض حصول الظنّ في الخارج بإرادة الظاهر لم يكن ذلك ظنّاً مستنداً إلى الكلام [ 2 ].
أضف إلى ذلك (وإن شئت فاجعله توجيهاً ثانياً): أنّ الأخبار الصادرة عن الأئمة لم تصل إلينا إلاّ مقطّعة بحيث كانت الأُصول الأوّلية التي اعتمد عليها أرباب الكتب الأربعة، على غير هذا النحو من التبويب والتقطيع، فمن المحتمل وجود قرينة قد اختفت بواسطة بث رواية واحدة على أبواب متشتتة حسب الأسئلة المختلفة.
وكلا الوجهين ضعيفان.
أمّا الأوّل: فلأنّ القرائن المختفية لا تخلو من أن تكون قرائن منفصلة أو متصلة، والثانية إمّا مقالية أو حالية واحتمال الاعتماد على أيّ منها غير مضرّ بحجّية الظواهر.