وأمّا الثاني: فلأنّ ما ذكره من أنّه يمكن أن يصح في مورده الإسناد والاستناد، ولا يكون حجّة فهو مجرد فرض. ولو صحّ الإسناد والاستناد لكان حجّة بلا اشكال.
أدلّة حرمة العمل بالظن:
ثمّ إنّ الشيخ استدل على حرمة العمل بالظن بوجوه:
الأوّل: قوله سبحانه: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزق فَجَعَلتُمْ مِنهُ حَراماً وحلالاً قُلْ ءَآللّهُ أذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُون) (يونس/59). قائلاً: بأنّه دل على أنّ ما ليس باذن من اللّه، في إسناد الحكم إلى اللّه فهو افتراء، فالآية خطاب لمشركي مكّة حيث قسّموا ما أحلّه اللّه إلى قسمين: حرام كالبحيرة والسائبة، وحلال كغيرهما. ولفظة «ما» في قوله: (ما أنزل) موضع نصب مفعول للفعل المتقدم.
وأورد عليه سيدنا الأُستاذ: بأنّه دلّ على أنّ ما ليس بإذن واقعي من اللّه في مورد إسناد الحكم إلى اللّه فهو افتراء، وعلى ذلك لا يكون الظن المشكوك الحجّية شبهة مصداقية للافتراء، لاحتمال وجود إذن في الواقع غير واصل إلينا.
نعم، لو كان معنى الآية كلّ ما ليس بإذن واصل من اللّه بإسناد الحكم إلى اللّه افتراء، يكون للاستدلال وجه، لكنّه خلاف ظاهر الآية [ 1 ].
ثم قال: الأولى الاستدلال بقوله تعالى: (وإذا فَعَلُوا فاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنا عَلَيها آباءَنا واللّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ على اللّهِ ما لا تَعلَمُون) (الأعراف/28) والملاك فيه هو التقوّل بما لا يعلم كونه من اللّه، سواء أكان مخالفاً للواقع أم لا.