انكشاف الخلاف بعلم وجداني أم بأمارة شرعية معتبرة، قائلاً بأنّ لسان الأمارات لسان بيان ما هو الشرط واقعاً، فلا يجزي ، «فانّ دليل حجّيته حيث كان بلسان أنّه واجد لما هو شرطه الواقعي، فبارتفاع الجهل ينكشف أنّه لم يكن كذلك، بل كان لشرطه فاقداً».[ 1 ]
و إن شئت قلت: إنّ لسان الأمارات هو الإخبار عن الواقع، ولازم هذا قابلية الأمارة و الدليل للصدق والكذب من حيث المطابقة والمخالفة، فلو انكشف الخلاف فيها، حكم بعدم الإجزاء لعدم الموضوع واقعاً. و هذا بخلاف الأُصول ، فانّها تثبت حكماً في مورد الشكّ ، ولا نظر لها إلى الواقع.
وأوضحه سيّدنا الأُستاذـ دام ظلّه ـ بأنّ عمل العقلاء بالأمارات ، لأجل كشفها ـ نوعاً ـ عن الواقع، مع التحفظ على نفس الأمر بما هو عليه، من غير تصرّف فيه، ولا انقلابه عمّا هو عليه. و مع هذا، كيف يمكن الحكم بالإجزاء مع انكشاف الخلاف. و بالجملة: انّ عملهم بها لأجل كونها مرآة إلى الواقع بلا تصرّف فيه أصلاً فحينئذ، المطلوب الذي تعلّق به الأمر لم يحصل بعد، لتخلّف الأمارة. و الذي حصل لم يتعلّق به الأمر.[ 2 ]
قلت:قد حكى سيّد مشايخنا العلاّمة البروجردي قدَّس سرَّه ، تسالم الفقهاء على الإجزاء في الأمارات والأُصول في استكشاف كيفية التكليف من دون أن يفرقوا بينهما و إنّما وقع الخلاف من عصر الشيخ الأنصاري رحمه الله و لكنّ الرجوع إلى أدلّة حجّية الأمارات يعطي وجوب ترتيب آثار الواقع على المشكوك فيه.
توضيح ذلك: أنّ لسان الأمارات، و إن كان لسان الكشف و الطريقية، لكن الظاهر من ملاحظة أدلّة حجّيتها، هو الملازمة بين الأمر بالعمل بها، و إجزائها في مقام العمل.