لا شكّ أنّ صيغة الأمر استعملت في اللغة في معان، كالتمنّي والترجّي والتهديد والتعجيز و التسخير و غير ذلك، إنّما الكلام في تعيين ما وضعت له الصيغة.
فذهب المحقّق الخراساني إلى أنّها موضوعة لإنشاء الطلب، غاية الأمر أنّ الداعي يختلف، فتارة يكون هو البعث والتحريك الحقيقي، و أُخرى يكون غيره، فيكون حقيقة في الأوّل و مجازاً في الثاني.[ 1 ]
ولا يخفى ما في كلامه من المناقشة:
أمّا أوّلاً: فانّ الظاهر أنّ الصيغة موضوعة لإنشاء البعث، كما أنّ النهي موضوع لإنشاء الزجر، و يدلُّ على ذلك، ما ربّما يقوم مكان الصيغة في غير مواقع التكلّم. فانّ إشارة المولى إلى العبد بالخروج من البيت ليس إلاّ بعثاً له نحو المأمور به، و يقوم مقام: «اذهب»، أو «اخرج» و مثله إغراء جوارح الطير، و الكلاب المعلَّمة و غيرها لعمل الصيد وغيره، غير أنّ البعث في الإنسان باللفظ غالباً، و في غيره بالحركات والإشارات و الأصوات. فلو قال مكان إنشاء الطلب: إنشاء البعث لكان أولى، اللّهمّ إلاّ أن يكون مراده من الطلب هو البعث الإنشائي كما