ويلاحظ عليه: أنّ دلالة الهيئة على مغايرة المبدأ لما يجري عليه، ليس أمراً مخفياً، لقضاء التبادر بذلك. و ما ذكره هنا يغاير مع ما ذهب إليه من التركيب التحليلي للمشتق.
والأولى أن يقال: إنّ المتبادر من المشتق، هو المعنون، والذات المتلبّسة بالمبدأ و ظاهره زيادة العنوان على الذات، ونحن نجري أوصافه سبحانه عليه بهذا المعنى، و نستعملها في المعنى المتبادر عرفاً بالإرادة الاستعمالية، غير أنّ البرهان قام على عينية صفاته مع ذاته، فنرفع اليد عن هذا الظهور بالدليل العقلي. فالمراد الجدّي عند من قام الدليل عنده على العينية، غير المراد الاستعمالي الذي يشترك فيه العالم والجاهل، الفيلسوف والمتكلم.
وقيام البرهان على الوحدة لا يكون سبباً لتغيير اللغة والمتبادر العرفي، غاية الأمر أنّ الأكثرية الساحقة من الناس لا يتوجّهون إلى هذه الدقائق، فيستعملون اللفظ فيه سبحانه على النحو الذي يستعملونه في غيره ولا يرون الزيادة مخلّة بالتوحيد.
وأمّا الفلاسفة و أهل الدقّة، فلمّا كانوا متوجّهين إلى هذا الأمر، فلا مفرّ لهم عن كون المراد الاستعمالي مغايراً مع المراد الجدّي، ولا يكون جري المشتقّات عليه سبحانه (مع أنّ ظواهرها لا ينطبق على الواقع) أمراً مرغوباً عنه، لأنّ الألفاظ الدارجة عندنا قاصرة عن إفادة ما في المقام الربوبي من الكمال والجمال و لا يختصّ ذلك بصفاته، بل يجري في أفعاله سبحانه.
والحاصل أنّ هنا مقامين:1ـ اللغة والظهور والتبادر; 2ـ العقيدة والبرهان والاستدلال، و ليس شأن الثاني تغيير اللغة و المتبادر العرفي، كما أنّه ليس للظواهر العرفية أن تصادم البراهين العقلية، فلكلّ طريقه و مجراه و ترفع اليد عنها بها.